غرورك يخبرك أنك موظف هام داخل الشركة. يجعلك تعتقد أن دورك في الشركة له فائدة أكبر بكثير من الواقع. تعتقد أن الشركة ستعاني وستموت ويتدهور حالها بدونك أو بدون مجهودك ، وعلاقاتك ، وإتصالاتك.

حدثني أحد الأصدقاء عن تجربته قبل ستة أشهر للرحيل من العمل وترك الشركة. فيقول:
“اتخذت قراراً صعباً بترك وظيفتي – ليس فقط وظيفتي ولكن ترك مسيرتي المهنية”.
ويكمل حديثه: “ساعدني بعض زملائي في العمل على اتخاذ القرار. عند رحيلي عن العمل قالوا كلمات مثل لا تخاف «سننضم إليك قريباً» سنترك العمل ونلتقي قريباً سوياً في مكان عمل أفضل. لقد جعلني ذلك أشعر وكأنني لم أكن وحدي خلال هذا الوقت الصعب من مسيرتي المهنية، والتي تفاقمت بسبب الأزمة الصحية العالمية (كوفيد 19).
الوهم الذي وقعت فيه هو أن استقالتي المنتصرة كانت هامة بالنسبة لي. حيث أن على الشركة عندما ترى استقالتي ، فقد تستمع إلي وتفعل شيئًا حيال ذلك.
على العكس ، لم يفعلوا شيئًا. وتمنوا لي التوفيق.
اعتقدت أن زملائي المقربين داخل العمل لن يكونوا كذلك.
إنهم أصدقاء عملي داخل الشركة. على الأقل لن يتخلوا عني
بعد أن استقلت اعتقدت أنهم سيتصلون بي كل أسبوع أو أسبوعين للسؤال عني وإبلاغي بأخبار الشركة وأن الشركة نادمة على رحيلي.
لم يرن هاتفي أبداً. بل من جانبي قمت بمحاولات يائسة لأحافظ على تواصلي معهم.
أرسلت رسائل نصية إلى عدد قليل منهم عندما علمت ببعض المشاكل داخل العمل ، كي أبقى التواصل معهم. لكنهم لم يستجيبوا إلا ببعض المكالمات أو الرد على الرسائل ورجعت مرة أخرى وحيداً. أدركت أن سخريتنا من العمل ومن الشركة لم يحسن حياتهم المهنية بعد أن تركتهم. لذا قطعوا علاقتي بي”.
“هذا عادل بما فيه الكفاية، إنها غلطتي”.
الأمر نفسه ينطبق عليك. عندما تترك وظيفة أو مكان عمل تعتقد أن الناس بعد رحيلك سيفتقدونك. لكن هذا لا يحدث.
إليكم السبب
ماذا يحدث حقًا لزملائك في العمل عندما تترك وظيفتك
إنهم لا يفتقدونك على الإطلاق. في الواقع، ليس لديهم وقت للتفكير فيك.
إذا ألقيت عليهم نظرة من بعيد ستجد أنهم لا زالوا يقومون بنفس الروتين اليومي ، يشربون القهوة ، يتناولون الطعام سوياً أحيانا كالعادة. عليهم تحقيق أقصى استفادة من الموقف مع صاحب العمل القديم السيئ الذي ينظرون إليه كذلك. عليهم سد أي ثغرات قد تكون تركتها أنت وراءك.
ينساك الزملاء السابقون بسرعة لأن العمل يتحرك بسرعة كبيرة، بفضل التكنولوجيا. ذكرياتنا في العمل قصيرة. سوق العمل مرن للغاية لدرجة أننا نضمن وجود زملاء جدد في تناوب ثابت.
ليس هناك وقت للنظر إلى الوراء. فقط للتطلع إلى الأمام.
غرورك يكذب عليك
غرورك يخبرك أنك موظف مهم. يجعلك تعتقد أن دورك في الشركة له فائدة أكبر بكثير من الواقع. تعتقد أن الشركة ستعاني أو تموت ويتدهور وضعها بدون مجهودك ، ومعارفك ، وإتصالاتك.
ليس صحيحاً.
غرورنا في العمل أصبح مفرط ، لأننا نريد أن نشعر أمام أنفسنا والأخرين أن عملنا مهم. نريد أن نشعر بالأهمية. نريد أن نرسل رسائل أننا نفهم بشكل أكبر من القادة الذين نعمل معهم داخل العمل ، مع العلم أن الجميع يخطئ ويصيب بما فيهم نحن، ولكن لا نرى عيوب أنفسنا، نرى العيوب في التفكير واتخاذ القرار عند الأخرين فقط.
إنه ليس كذلك.
في عالم الأعمال العديد من الشركات وخاصة الكبرى لديها مديرين وقادة سيئين وعملهم لا يتعدى العمل اليومي الطبيعي. ومع ذلك تجدهم ينالون المكافأت.
إنها القاعدة. إذا قام المدير بنظام إدارة فريقه عن قرب ، والتدقيق معهم في كل صغيرة وكبيرة، وأيضاً دفعهم لزيادة إيرادات الشركة، فهو أمام الشركة مدير وقائد ناجح لأنه يحقق إيرادات للعمل من خلال الأرقام.
في النهاية، تشبه معظم الشركات النماذج القائمة على ساحات الحروب والمعارك ، حيث يعيش الأقوى المتصور في الأذهان. أما الأضعف فيحصل دائما على الأوامر لتنفيذها، وفي النهاية يتم إلقاؤه مثل دمى الخرق. هذا هو ما عليه حالة السوق.
لا تدع غرورك يخبرك أنك موظف مميز. أنت مميز فقط في عيون الآخرين عندما تكون صاحب العمل. خلاف ذلك، يمكن طردك من المكان بإخطارك برسالة أو إشعار داخلي أنه يتوجب عليك مغادرة الشركة وترك العمل خلال 4 أسابيع.
لا توجد وظيفة آمنة.
الحقيقة هي أنك قابل للاستبدال
المعرفة الخاصة التي تعتقد أنك تمتلكها لا تهم كثيراً. إذا مت اليوم أثناء العمل على كرسي مكتبك وأنت جالس أمام شاشة الكمبيوتر تعمل على بعض البيانات أو التقارير المطلوبة منك، فلا تنخدع ، فسيكون على الشركة بعد وفاتك مباشرة نشر إعلان على شبكة لينكدان للوظائف وذلك لإيجاد شخص يحل مكانك.
يمكن تدريب أي شخص على القيام بأعمال الإدارة والمهام المطلوبة. حتى زملائك في العمل لديهم معرفة بأسرار العمل التي سيعطونها بسعادة للإدارة بعد رحيلك. وبالتالي سيتم نقلها لموظف آخر من الداخل أو تعيين من الخارج والذي سيتولى وظيفتك ومهامك بعد رحيلك.
لا تحزن على هذه الحقائق.
إمضي قدماً للأمام. انقل حياتك المهنية إلى المستوى التالي من التقدم والرقي. افعل ما عليك فعله للبقاء على قيد الحياة. ودائماً ابحث واعمل على أن تزدهر وأن تطور من نفسك مقارنة عما كنت عليه سابقاً. تطلع إلى الأمام دائماً. وكن مهووساً بالمستقبل. وكلك يقيناً بخالقك سبحانه وتعالى.
ما حدث في عملك القديم لا يهم بعد الآن.
الأشخاص النادرون هم الذين يبقون على اتصال بك
يقول صديقي: “بقي شخصان على اتصال منذ أن تركت وظيفتي. شخص واحد كنت أعرفه سابقاً، لذا فهو لا يحتسب.
الشخص الثاني هو الجوهرة النادرة. هو الشخص الوحيد الذي بقى على اتصال بي. لقد أصبح هذا الشخص صديقاً مدى الحياة. حتى عند اتصاله بي لا نتحدث عن الشركة ومكان عملي السابق ، أو نظل نشكو من القادة والمديرين السابقين.
بل لم نعد نتحدث عن العمل بعد الآن.
نحن في أحاديثنا نركز على المستقبل. نتحدث عن اتجاه التكنولوجيا. عن حياتنا الأسرية والأبناء ، نشارك شغفنا بتكنولوجيا الويب 3.0. نلتقي أحيانا في نهاية الاسبوع نحتسي القهوة سوياً ونتشارك أفكارنا للتطوير والتحديث.
عندما يبقى شخص على اتصال بك بعد أن تترك وظيفتك، فإنهم أصدقاء مدى الحياة. تمسك بهؤلاء الناس. نقدرهم ونكون هناك بجوارهم خلال أفراحهم وأحزانهم.
ابق على اتصال بجوهرة واحدة من كل مكان وشركة عملت بها ، وسيبقون أصدقاء لك مدى الحياة. هؤلاء الناس هم من يجعلون حياتك المهنية مميزة. وسترى الجميع من حولك سواء داخل العمل أو على شبكات التواصل الإجتماعي هم مجرد معارف.
الخلاصة
عندما تترك وظيفتك أو مكان عملك ، يجعلك غرورك تعتقد أن الجميع بعد رحيلك سيفتقدك. الحقيقة هي، لن يفتقدك أحد.
احرص على بناء نفسك وتطويرها ، وتحلى بالأخلاق العالية. وعود نفسك على عزة النفس والرفعة والإستغناء عن الناس.
وكما جاء في الحديث النبوي:”المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف … احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز”.
رائع جدا ومتميز كالعادة دكتور محمد إبراهيم.
إعجابإعجاب
It’s a very sad truth
إعجابإعجاب
بصراحة حدث معي هذا الأمر وكنت طوال هذه المدة أعتقد أن هذا خاص بي أنا، وكنت نادمة على هذه السنوات التي قضيتها في عملي.
ولكن الآن فهمت أن هذا هو الطبيعي في كل الشركات. وأنها صفات بشرية محضة.
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع
إعجابإعجاب
تسلم ايدك دكتور محمد
مقالة هادفة وموجعة ، ولكنها تنهي أفكارنا الوردية وأحلام اليقظة عن العمل وعن غرورنا.
إعجابإعجاب
ختامك بالحديث النبوي
“المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف”
أبكاني حرقة على حياتنا الضائعة
إعجابإعجاب
ههههههههههههههههه. ليه كده بس يا دكتور، خلينا مخدوعين شوية
ههههههههههههه
إعجابإعجاب
على فكرة انا قضيت أكثر من 30 سنة في الحكومة، وآخر عشر سنوات مدير إدارة كبرى ، والكل كان بيضرب لي تعظيم سلام، وكنت معتقدة أني بعد ما أطلع معاش، واجي أزور المكان، هلاقي طوابير في انتظاري، بس الحقيقة لأ محصلش. كلنا بننخدع كده والله يا دكتور، عايشين الوهم.
ربنا ينور بصيرتك كمان وكمان يا ابني
إعجابإعجاب
جزاك الله كل خير عنا
إعجابإعجاب
جزاك الله كل خير
إعجابإعجاب
كلام صحيح جداً مع الأسف ،لكن من جانب آخر ينبغي أن تعمل المؤسسات على الحفاظ على موظفيها بدلا من دفعهم لترك العمل،بزيادة الانتماء لها
إعجابإعجاب
ممتاز و رائع وفعلا المصادقة والمصارحة والمواجهة مع النفس شئ صعب لكثير من الناس
إعجابإعجاب
من وجهةنظري الاحساس ده بيجي للناس اللي بتحب شغلها قوي وبتجتهد فيه وتحاول باستمرار تطور من نفسها وتواكب كل جديد وفي نفس الوقت لازم تكون علي وعي تام وماتديش لنفسها اكتر من حقها لان الوظيفه دي كانت موجوده قبل كده وهتفضل موجوده بعد كده لانها لو دامت لغيرك لما وصلت اليك
علشان كده لازم التركيز يكون علي اني اكون راضي عن ادائي ونتذكر دائما ان الله لايضيع اجر من احسن عملا
إعجابإعجاب
مقال رائع
إعجابإعجاب
مواجهة النفس بالحقيقة خير من خداعها بالباطل
إعجابإعجاب
الانسان الذكى عندما يتخذ قراره بالرحيل عن مكان يجب ان يكون قد اغلق تلك الصفحة تماماً ولا يلتفت لردودد الافعال فقط يصب تركيزه على المرحلة الجديدة التى اقدم عليها بكامل ارادته وادراكه للتقدم بمستقبله المهنى . اما منن يتخذ قراره وهو ينظر خلفه فحتماً مصيره التعصر.
إعجابإعجاب
دائماً ما ننصح من يترك العمل بأن ربما زملاء عملك أثروا بالسلب في اتخاذ قرار الرحيل،،، ولن يسأل عنك أحد… صدقت دكتور محمد
إعجابإعجاب